للحب صلاة استسقاء
****للحبِّ…صلاةُ استسقاء****
د. علي حرب
لمناسبة عيد الحب / ألقيت في ندوة “تجمّع منتدانا الثقافي في كندا”
كندا في2022/02/07
ماذا أصابَكَ يا قمرْ؟!
أخفيتَ وجهَكَ في خَفَرْ
غادرتَ غيرَ مودّعٍ
هلْ قدْ سئمتَ مِنَ الكَدَرْ؟
بين السحابِ طَويتَهُ
بدرًا تناثرَ فاندثرْ
أغْرقتَهُ في غيمةٍ
مرّتْ تنادي للسفرْ
وتركتَنا صرعى اليَبَاسِ
بلا سميرٍ أو سمرْ
هلّا كرهتَ شرورَنا؟
هلّا مقتَّ ذنوبَنا؟
هلّا مللتَ صراعَنا؟
فنحرتَ نفسَك من ضَجَرْ
ما عدتَ تنشدُ أرضَنا
ما عادَ يغويكَ السهرْ
بين العيونِ المطفآتِ
على شفاهٍ من حَجَرْ
من تحتِ شبّاكِ الهوى
صوتٌ ترنّحَ فانكسرْ
بين المروجِ النائحاتِ
وتحتَ أفنانِ الشجرْ
يا بؤسَنا…يا حزنَنا!…
إنّا ننوسُ كضوئكَ
إنّا نموتُ بهجرِكَ
إنّا نذوبُ من القّهرْ
مَنْ بعدُ يرصدُ عِشقَنا؟
مَنْ بعدُ يشهدُ حبَّنا؟
مَنْ بعدُ يُرشِدُ قلبَنا؟
باللهِ حدّثْ يا قمرْ
قد زاغَ عقلٌ وبصرْ
رُحماكَ اغفرْ يا قمرْ!…
رُحماكَ قدْ تاهَ البشرْ!…
********
ماذا دها الأزهارَ تزدادُ شحوبا؟
وعبيرَ فوحِ الياسمينَ نضوبا؟
ما لي أرى الأضلاع لا تأوي حبيبا؟
وغصونًا واهياتٍ لا تناغي العندليبا؟
ما لِصوتِ النايِ يزدادُ نحيبا؟
والصدورِ السودِ لا وجدٌ يباغِتُها
ولا شوقٌ ولا نارٌ
فتحييها لهيبا؟
ما عاد للمحبوب في الدنيا مُقامْ
من أينَ تدخلُ بيتَنا شمسُ السلامْ؟
بعد أن سادت حروبٌ تنشرُ الموتَ الزؤامْ
بعد أن فينا تفشّى
مرضُ الكرهِ وأحقادُ اللئامْ
ونشرنا بدل العطر سمومًا في الفضاءْ
وروينا الأرض دمعًا ودماءْ
والحبُ في شرع الدنى صار غريبا
صار شيطانًا وفيروسًا رهيبا
********
مَن قالَ إن الأرضَ يمحوها المطرْ؟
مَن قالَ إن اللحنَ يغتالُ الوترْ؟
مَن علّم الأشجارَ مِنْ غيرِ ثمنْ
تمنحُ الدنيا زهورًا وثمرْ؟
مَن علّمَ الينبوعَ يدعو العاشقينْ؟
يسقي عِطاشَ القلبِ دمعًا ينهمرْ
مِن عيونٍ شاقَها دربُ الحنينْ
فروتْهُ من دماها
فيضَ شعرٍ وعِبـَرْ
مَنْ يا تُرانا أخجلَ الشمسَ إذا مرَّ الحبيبْ؟
يغزلُ القدَّ دلالًا إذ عَبَرْ
هلْ غيرُك َيا حبُ يرعانا إذا حانَ المغيبْ؟
يمطرُ الأعمارَ أمنًا ووئاما
يغمرُ الأرواحَ بردًا وسلاما
إنْ تغبْ عن حيّنا يومًا
أو يغادرْنا القمرْ
مَنْ غيرُكَ يا ربُ ينجينا إذا حلّ القَدَرْ؟
رُحماكَ يا ربَّ المحبةِ والمودّةِ والظفرْ!…
املأ قلوبَنا رحمةً
املأ عقولَنا صفوةً
علّمنا أنّا بالتسامحِ والمحبةِ ننتصرْ
علّمنا كيفَ بعفوكَ تشفى النفوسُ منَ القَذَرْ
علّمنا كيفَ بطُهرِنا نحيي مواتَ الأرضِ
وكيف بماء جباهنا
لا، ليس بالدمِ المُهراقِ نَسقيها
لا، ولا بالقاذف العملاق نرميها لتزدهِرْ
يا ربُّ إنّا عصبة بفسادها
عاثت خرابًا وتحتضِرْ
يا ربُّ قد طال بنا
إثمُ المطامعِ والمذابحْ
ودفنّا الحبَ طفلًا تحت أقدامِ المصالحْ
وخنقنا النورَ فينا فارتمينا
فوق نارٍ تستعرْ
رُحماكَ يا ربَّ العبادِ
امنحْ عبادَكَ لُطفَكَ!…
أغدقْ علينا عفوَكَ!…
أزهرْ بأرضِنا كلَّ يومٍ
عيدَ حبٍّ مُنتظَرْ
أرجعْ لدنيانا القمرْ
رُحماكَ قد تاهَ البشرْ!…
*******************************