رسالة من فم التنّين

د. علي حرب

خاص مجلة المستقبل الكندي / عدد الأول من أيار 2021

أيها اللبنانيون،

أنا الجنرال الرئيس، أنا إله المعجزات والخوارق!…

سامحوني إذا لمستم ثأثأة أو لجلجة أو عِيًّا، فليس ذلك من عجز في نطقي، إنما بفعل زلزال الغبطة الذي يرجّ كياني تأثّرًا بالأعاجيب المتواترة التي اجترحها لكم.

أهنئكم بمرور أشهر العسل الستة على تعطيل تشكيل الحكومة وأعدكم بتطبيق الدستور وتمديد شهر العسل حتى آخر ثانية من عمر عهدي الميمون.

أهنئ شركاءنا المسلمين بحلول شهر رمضان وهم يشتاقون إلى ربطة الخبز وصحن الفتّوش وأكواب الجلّاب، وأعدكم أن أمارس صلاحياتي  لتحويل السنة كلها إلى أشهر صيام وجوع وعوز.  

أهنّئ أهلنا المسيحيين بعودة الدجّال “الباسيلي” الجديد من رحلة غيابه، حاملًا لكم رسالة البغضاء والكراهية والانقسام، ليملأ الأرض جورًا بعد أن حاول السيد المسيح ملأها عدلًا ومحبة وخيرًا.

أهنئكم بقرار المملكة السعودية بوقف استيراد الخضار والفواكه من لبنان، فما عجز عنه أخواننا الحوثيون في مسيّراتهم سأعوّضه بحبوب السمّ في صهاريج التهريب. وأعدكم بحثّ الكويت والبحرين والإمارات العربية واليونان وبعض الدول الأوروبية الأخرى على الاقتداء بذلك قريبًا.

أهنئكم بانتفاضة القضاء للقضاء على نفسه، و”تكتيف” كل من يتجرّأ على الوقوف بوجهنا في معركة الإفساد.

أهنئكم على تفتيت القوى الأمنية و”فرم هيبتها في شَوْرَبة القضاء”.

أهنئكم على الامتناع عن توقيع المرسوم الوزاري بشأن الحدود البحرية مع إسرائيل ولو كره الكارهون والمصرّون. فلم نعد بحاجة إلى إنتاج النفط والغاز، بعد أن تمكّنت بمعجزاتي تحويل وطنكم الصغير من صانع للحرف ومصدّر للأبجدية والثقافة، إلى أكبر مصنع للمخدّرات وتصدير الكبتاغون إلى العالم.

أهنئكم بوصول الجراد إلى قراكم وسهولكم وبسنوات النحس والشؤم التي حلّت عليكم بفضلي.

أيها اللبنانيون،

إنْ قاطعوا دجّالكم أو أوصدوا في وجهه أبواب الأرض، فقد شرّعت له أبواب السماء لأنه الآتي باسم الربّ، الحامل للطوباوية المقدّسة، لا تعترضه كراسي الرسولية البشرية. وإنْ لم تقبلوه رئيسًا فسيسود عليكم مسيحًا تسجد له ملوك الأرض.

وعزّتي وجبروتي، لن أترك لكم قضاء إلّا أفسدته، ولن أترك لكم اقتصادًا إلّا دككته، ولن أترك لكم أمنًا إلّا خرقته، ولن أترك لكم صديقًا إلّا أبعدته، ولن أترك لكم بابًا إلّا أغلقته، ولن أترك لكم أملًا إلّا وأدته.  

أناشدكم الانضمام إليّ ومؤازرتي في معركة التدمير والتخريب والإفساد.

أيها اللبنانيون،

طوبى للذين يحاربون الباطل بالأباطيل.

طوبى لمن يداوون الأعور بالعمى.

طوبى لمن يعالجون الأعرج بالكساح.

ها أنا أمامكم أيها الكافرون بنعمتي، افتحوا لي أبوابكم لأقودكم إلى ملكوت الجحيم.

عبثًا تبحثون عن الخلاص بين يدي الفادي، عبثًا يبني البنّاؤون أمام فأسي وهراوتي.

تعالوا إليّ أيها المتعبون، فقد أنعمت عليكم بالمخلّص الذي سيزيل أوجاعكم ويعيدكم رميمًا بلا روح.

أنا إله المعجزات التي لم يجترحها إله ممن عرفتموهم أو ستعرفون.

ابتكرت لكم فنونًا من الفساد، وألوانًا من الطغيان، ما حلم بها واحد من أجدادكم.

أنا صوت إلهكم الداوي الذي تدحرج هادرًا من أعالي السماوات منذ نيّف وأربع سنوات، فلماذا تصمّون آذانكم عن سماعي؟

وأتاه أنين الموجوعين والمفجوعين والجائعين والمنكوبين:

أيها الجنرال الرئيس، ربّنا وإلهنا،

رحماك يا ربّ المعجزات الجهنّمية.

رحماك يا إله الحقد والكراهية والتدمير.

أعفُ عنّا وسامحنا.

إغفر لنا قصورعقولنا وقصر أبصارنا وعجز هممنا.

فما كنا ندرك أن الزمان الغادر يخبّئ لنا تنّينًا أين من نيرانه جمرات عزرائيل وبزعبول وفرعون ونيرون وتيمورلنك وهتلر وموسوليني!…

رحماك يا ربّنا، وإكْفِنا مما تُخفي لنا، ودعْنا في خرابنا وفسادنا وجهلنا وجهنّمنا قابعين.