مسعود معلوف...شامخ من لبنان


بقلم: د. علي حرب
كندا 04/04/2021
في أول لقاء جمعني بسعادته، عام 2007، سفيرًا للبنان في كندا، وإذ انتهى لقاؤنا، بادرته، على عادات اللياقة العربية، فقلت: أنا سعيد جدًا بلقائكم. ابتسم باشًّا وأجاب: “إذا كنتَ سعيدًا فأنا مسعود”. فتيقّنت بلا تردّد، أنني أمام شخصية مختلفة في الشكل والمضمون، وقد صحّ يقيني.
بهذا اللطف والظرف والتواضع، والكياسة الديبلوماسية والأدبية والأخلاقية، يدخل هذا المحبّ المحبوب، إلى قلوب الجميع.
إنه السفير الحاذق المحنّك، الفطن الوطني الأصيل، ابن الجبل اللبناني الراسخ مسعود معلوف.
قامة جليلة من بين القامات السامقة والمضيئة في حاضر لبنان.
هو واحد من الرعيل الأصيل الذين خدموا لبنان الوطن، ولبنان الدولة، ولبنان الاغتراب، أكثر من أربعين عامًا مجلّلة بالنجاح، كأنقى وأبرع وأنظف ما تكون عليه الخدمة، حين تنبع من قلب دافق بالعطاء، ويد نظيفة بالتعامل، وفكر حاضر في الأحداث، ومهنية عالية في الاحتراف والخبرة.
السفير مسعود معلوف، جال في أرجاء بيوت لبنان الديبلوماسية، وصال في ردهات وزارة الخارجية وحلقات المؤتمرات والاتفاقات الدولية، ووظّف كفاءاته وخبراته من أجل خدمة مصالح لبنان، ورفعة موقعه في العالم، ومن أجل خدمة اللبنانيين في المغتربات، ولم تتوقف مبادراته وعطاءاته بعد تقاعده، حيث ما انفكّ يجدّد الإبحار في كل اتجاه، مؤكدًا أنه لا يزال في توقّده وتدفّق مواسمه، وأن معينه لا ينضب كرَمًا ولن ينضب.
فها هو اليوم، سفير متقاعد، ضالع ومنخرط في الشؤون السياسية الأميركية، وممتلئ بمعارف السياسات الدولية، ومحلّل بارع في استراتيجيات السياسات الخارجية، تتسارع مراكز الإعلام يوميًا لتحظى برؤيته ومعلوماته وتحليلاته لما يدور في أميركا وفي العالم، وكيف يمكن للبنان أن يخرج من ظلامية الأوضاع المأسوية التي تُحيق بشعبه ومصيره.
وها هو اليوم، وعلى الرغم من انشغالاته الحثيثة على مدار الساعة، لا يتأخر يومًا، وأكاد أقول دقيقة، عن مواكبة أحوال وأخبار أبناء الجاليات اللبنانية في عالم الانتشار كافة، ليشاركهم أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم المختلفة، وكأنهم يعيشون معه في وجدانه كما يعيش هو في قلوبهم.
إنه بحقّ وجدارة، موسوعة لبنانية وديبلوماسية وسياسية، ومرجعية دامغة للموظّف النزيه الكفؤ الواهب فكره وخبرته وعلاقاته من أجل وطنه.
أيها الشامخ الكبير من لبناننا الحبيب، كم نحن اليوم، وفي هذا الزمن الحالك المهلِك المتأزّم، بأمسّ الحاجة إلى أمثالك في فريق ماهر لإنقاذ السفينة الجانحة إلى الغرق.
من هذا المنبر الثقافي المنير في كندا، أوجّه دعوة قلبية حارة، إلى منتديات وتجمّعات وأبناء جاليتنا الكرام، للإعداد في أقرب فرصة ممكنة، لتكريم هذا المستحقّ، بمبادرة وفاء وتقدير تليق بعطاءاته ومحبته الغادقة لوطنه وأبنائه.
“بتلبقلك” يا “مسعود”، كل مشتقات وألقاب السعادة الرفيعة، فما خُلقتَ إلا لتكون ديبلوماسيًا بامتياز، ومثالًا للموظّف القدوة خُلُقًا وأداءً.
وتبقى شهادتي قاصرة في قامة ترتفع فوق كل الشهادات.
فعذرًا سعادة السفير الصديق، إذا ما أبديت عجزي عن إيفاء حقّك ومنزلتك، في هذه الشهادة المقتضبة.