ولادة وطن
لمناسبة احتفال الشعب اللبناني المنتفض بذكرى الاستقلال السادسة والسبعين

د. علي منير حرب

مونتريال – كندا

في 22/11/2019

وفي اليوم السابع الثلاثين من عمر ولادة الوطن، انفرجت أسارير الأرض وصدحت حناجر الساحات طربًا وأهازيج نصر.

إنه العرس الوطني الأغرّ، يتبختر بزهو وفخر وكبرياء، ليدكّ عروش السلطويين الغزاة، الذين إستخدموا رموزه الوطنية الناصعة وحوّلوها إلى منصّات لمباركة بعضهم بما غنموه من خيرات الوطن.

في صورة من أنصع وأبهى ما شهده لبنان والعالم أجمع في تاريخهما، تهافتت جموع الأفواج الشعبية الحرّة لتحرّر الإستقلال الأسير من أسنان وأنياب الطغاة.

طردوا تجّار الهيكل من الأرض المقدّسة وألزموهم الهروب إلى جحورهم، ليقيموا احتفالهم المزيّف وراء الأسلاك والحماية القسرية مع زمرة من أتباعهم الفاسدين الذين التفوا حولهم ليتصدّروا المشهد المقزّز تجهّمًا وتقطيبًا وابتسامات محنّطة لليثٍ كشّر عن أنيابه استعدادًا لالتهام فريسته.

أطفأوا بإرادتهم أنوار قصر العائلة الحاكمة الذي إعتاد أن يستقبل زعماء السلطة ليتقبلوا التهنئة بعيد وطني ليس من صنعهم ولا يشبههم بشيء.

سدّوا كل منافذ الوطن في وجوههم، واستعادوا برقيّهم الحضاري الفريد الاستقلال إلى أحضانهم.

يكفي شعب لبنان الحرّ الأبيّ فخرًا أنه استحقّ عظمته فعلاً وقولًا، صوتًا وصورة، لا زيفًا وادعاءً وضحكًا على ذفون الناس البريئة لاستجداء تأييدهم وولائهم والنفخ الكاذب في صدورهم.

ويكفي أهل السلطة ذلًا وعارًا ومهانةً أنهم انزووا هذه المرّة قابعين في أوكارهم ليتحوّلوا، وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، إلى متفرّجين عبر الشاشات على عرس الاستقلال الحقيقي القائم على زنود الشابات والشباب، فيما تعوّدوا سابقًا على احتكار المشهد لهم ولأزلامهم وتركوا أبناء الشعب المغدور يتابعون مراسم عرس وطنهم من وراء حجاب.

يكفي شعب لبنان فخرًا أن جعل كل ساحات الوطن وميادينه قصورًا له يستقبل فيها أهل العرس الحقيقي فيما أطفئت أنوار القصر المزعوم وانهمك أركانه في حياكة الدسائس ورسم الخطط لإحراق قبضة الثورة وإلقاء الخطابات الخشبية مندّدين برفض “الوصاية”، متناسين أن عهودهم ووصولهم إلى كراسيهم المتعفّنة قامت أساسًا على جملة من التسويات المسمومة والمفخّخة، وأنهم غارقون في بؤر الوصاية والتبعية حتى آذانهم. 

في اليوم السابع والثلاثين ولد انتصار لبنان على يد المنتفضين الثائرين الأحرار، ليشكّل تتويجًا لامعًا لسلسلة انتصاراتهم التي بدأت مع إسقاط الحكومة وإسقاط اللعبة على ورقة محمد الصفدي وأقفال المجلس في وجوه المتنكّرين لمطالبهم، ورفع محامي الانتفاضة إلى قبّة النقابة غصبًا عن أنوفهم.

بوركتم يا شعبًا عظيمًا لوطن عظيم. وليمتِ الطغاة في غيظهم وليأخذوا معهم كراسيهم وإستقلالهم.