بيروت يا نبيّة العواصم

بيروت يا نبيّة العواصم

لا تحزني بيروتَ يا نبيّة العواصم

د. علي منير حرب

كندا 05/08/2020 (اليوم التالي للانفجار الكارثي المأسوي الذي دمّر بيروت).

 

جرّحوكِ أيتها الشمس المقيمة على شواطئ الزمان

سكبوا ماء النار على وجهك الرسولي البدر

نحروا قلبك الحاضن لتاريخ الأرض

نقشوا غِلّ حقدهم وحسدهم وانتقامهم في قسمات قدّك الممشوق على شموخ الدنيا

خطفوا أبناءك الغافين على ترانيم مجدك المنثور زهوًا في أعين العالمين

بعثروا أشلاءك نتافًا تنزف دمًا على خدود الغمام

زرعوا جسدك الغضّ بأشواك الحزن والعذاب

رمّلوكِ في صباكِ يا أفروديت

أثكلوكِ وجرّعوك سمّ اليتم يا عروسة الآلهة

وحدك…وحدك…يا نبيّة العواصم

تعانقين صمت الأنبياء وجَلَدِهم

وحدكِ تدركين لماذا نكّل الفاسقون العاهرون بكل الأنبياء من قبلك

وحدك تؤمنين بمجد تقلّبك على طريق الجلجلة

وحدك…وحدك تدركين سرّ القيامة المكنون في روحك المقدّسة

قلوبنا فاضت أوجاعها يا نبيّة العواصم يا بيروت

هجرت أوطان ضلوعها

حملت دماها ودموعها لتسكبها بردًا وسلامًا على فؤادك المكلوم يا أغلى العطايا

لا تحزني يا بيروت

زيتونة مباركة أنتِ بين يدي الله

سيبقى زيتكِ مضيئًا

وهجًا من مصباح نور السماوات والأرض

لا تحزني لا تحزني

ستبقين ملح الإيمان الذي يكوي عيون الطغاة

الأرض تحتاجك يا نبيّة

إغضبي وثوري ولا تعبسي

لا تعبسي يا ذات العينين الدافقتين عزًّا وفرحًا وكرامة

لا تعبسي إذا ما جاءك العميان والخصيان

إغضبي وثوري يا جليلة المقام يا نبيّة

فكل الأنبياء كانوا ثورة في وجه الباطل

وأنت الرسولة الصامدة ببهائها التي ما تعبت من قرع أجراسها وصداح مآذنها تستمطر ماء الحياة من عيون الخالق الذي يحبّك.