تكريم الباحث الأستاذ أسامة أبو شقرا
لمناسبة إصدار كتابيه الجديدين

حفل تكريم الباحث الأديب أسامة أبو شقرا

لمناسبة توقيع كتابيه الجديدين:

(أحاديث الرسول بين الصحيح والمنحول – حوار شيخين)

كندا – مونتريال

قاعة نهاد حديد يوم الأحد في 24/10/2021

 

تكريمًا للباحث الإسلامي،الأديب والمؤرّخ

أسامة أبو شقرا

نظّم مكتب كندا في “الاتحاد العالمي للمثقفين العرب”، بالتعاون مع “صالون هتاف الشعر” الثقافي، و”جمعية الصداقة اللبنانية الكندية”، احتفالًا ثقافيًا بتوقيع المؤلف أبو شقرا لكتابيه اللذين صدرا حديثًا في كندا عن داري يافا والدندشي للنشر والتوزيع، وهما

“أحاديث الرسول بين الصحيح والمنحول” و”حوار شيخين في الإسلام”.

جرت وقائع الاحتفال يوم الأحد في الرابع والعشرين من شهر أكتوبر / تشرين الأول /2021، في قاعة نهاد حديد الثقافية، وحضره حشد من المهتمين والمثقفين وأصدقاء المؤلف وأعضاء الهيئات المنظمة الثلاث.

افتتح الاحتفال بإذاعة كلمة رئيس الاتحاد العالمي الأستاذ محمد الدباسي، ثم ألقى الدكتور علي حرب، مدير مكتب كندا كلمة نوّه فيها بجهود الباحث أبو شقرا وتحدّث عن مضمون الكتابين، ثم قدّم له شهادة تقدير وتكريم منحت له من قبل الاتحاد العالمي للمثقفين العرب.

*************

كلمة الدكتور علي منير حرب

ما وجدتُني يومًا عاكفًا على شأن من شؤون الثقافة المتمدّدة على مناحي الفكر والحياة كافة، إلا وأنا أواجه السؤال الصعب: أين عامل الدين في هذه المسألة؟ وما مدى تأثيرهِ سلبًا أو إيجابًا، في إعاقة الحركة الثقافية أو في تعزيز قدرتها على التنوير والوعي والنهوض؟

كثيرًا، وكثيرًا جدًا، ما كنت أتغافل عن إجابة نفسي على هذا السؤال، وأبتعد متجنبًا الخوض في هذا الجانب، نظرًا لتشابكه وتغلغله في النسيج الهوياتي لأغلب المجتمعات، ونظرًا لما اجتاح الإنسانية في العقود الأخيرة من سيول جارفة باسم الله والأديان والأنبياء، ليس كوني مسلمًا فحسب، بل لأنني مؤمن على الطريقة التي دعاني إليها الإسلام، فلذا كنت أٌبعد هذا العامل عن نطاق البحث مكتفيًا بالتركيز على المثل والقيم والجوهر والمعاملات، وعن الدين في الأديان، والتي تعتبر بنظري من أهم وأثبت الركائز التي تقوم عليها مهمة الثقافة والمثقف، مع إيماني القاطع أن منهجي الثقافي الذي أسعى إلى تحقيقه لا يمكن له البتّة أن يكتمل دون هذا الجانب الهام والمؤثر في حياة الإنسانية.

حين تعرّفت على الصديق أسامة ووقفت على فكره ومؤلفاته أيقنت تمامًا سلامة الاتجاه الذي يجمعني به، إذ وجدت فيه وعنده مثالًا للمثقف الديني أو الإسلامي الذي اكتملت فيه صفات المثقف الواعي الأمين.

فقد أمضى قسطًا طويلًا من حياته وهو عاكف على تأليف تلك السلسلة الطويلة، يحبك عُقدَها حلقة حلقة، متنقلًا في رحاب كتاب الله الكريم، متغلغلًا في ثنايا الروح القرآنية، مفسرًا محلّلًا معلّلًا رابطًا المعاني والمفاهيم المتدفقة في الآيات، والمتساقطة وحيًا إلهيًا في متون السور، مدقّقًا بحسّه وحدسه، متماهيًا مع النواهي والإباحات، ومع المعروف والمنكر، غائصًا حتى أعمق أعماق النص القرآني، في العبادات والعقائد والقصص القرآني، لا ليتأمل ويتمعّن فحسب، بل ليكتشف تلك الوحدة المنهجية العقائدية الصلبة التي لا انفصال ولا تعارض ولا تناقض في مقاصدها إنما هي ترابط تكاملي حكيم لا مجال فيها للتأويل أو الشكّ أو الخلف، وحدة الكلمة الإلهية التي تناسقت وتراكمت وتكاملت ظرفًا بعد ظرف، وتاريخًا بعد تاريخ، وبيئة بعد بيئة، وشعبًا بعد شعب، حتى أكمل الله علينا ديننا وأتمّ علينا نعمتَه ورضي لنا الإسلام دينا “وتمّت كلمة ربّك صدقًا وعدلًا”.

دأبه في كل منجزاته الفكرية الإسلامية هو تقرير أمر واحد وهو أن الإسلام دين العدل ودين المحبة ودين التسامح،  دين المعاملة وليس دينَ الشعارات، دين الإخاء وليس دينَ التفرقة والبغضاء، دين الوسطية والاعتدال وليس دينَ التطرّف والتزمّت والكراهية، هو دين السلام والوئام وليس دينَ الاعتداء على الحقوق والأرواح.

إنه إيمان العقل المتفتح لا العقل المنحرف للضلال، إنه الإيمان النابع من الحقيقة اليقينية التي لا يشوبها شك ولا زغل.

كانت معركته على كل الجبهات، بل قل كانت رسالته التي كلّفه إيمانُه الناصعُ تحمّلَها وأداءها ليزيل ما في النفوس من مساورات وما في العقول من ظنون وما في النوايا من خبائث ومكاره، جنّد فكره وعقله وحياته من أجل الدفاع عن الإسلام ورفع المدسوسات والشوائب التي ألصقت به جهلًا أو عدوانًا.

وإذا كانت مؤلفات الباحث أبو شقرا السابقة، المسيح في القرأن والاقتصاد في القرآن والجهاد في الإسلام هي في سبيل الدفاع عن الإسلام والردّ بالنص القرآني الكريم على ما أشيع عنه من أباطيل وأضاليل لاسيما في شقّه المتعلّق بالمذاهب والطوائف، وفي كم التفسيرات والفتاوى والتأويلات للآيات القرانية والتي حمّلها كلٌ على طريقته، ما طاب له من أبعاد وأفكار تخدم مصالحه وغاياته السياسية، فها هو الآن في كتابيه الجديدين “أحاديث الرسول بين الصحيح والمنحول – وحوار شيخين”، يتابع معركته لينافح عن الإسلام والرسول معًا معتمدًا أدواته نفسَها وهي النص القرآني الذي لا ينطق إلّا بالحق. ليزيل من النفوس والعقول ما أسند وما نسب إلى النبي الكريم من أقوال وأفعال لا تتوافق مع سيرته الشخصية وخصاله وسلوكه التي عرف بها قبل الدعوة، ولا بما كرّمه به الله من مزايا ومثل وأخلاق وقيم بعدما اصطفاه رسولًا للعالمين.

وأحاديث الرسول بين الصحيح والمنحول يمثّل جولة جريئة متقدّمة من جولات إعادة الاعتبار للمعين الأصل في التشريع، وهو القرآن الكريم، الذي لا يلغيه سابق ولا لاحق، ولا تزيده التفسيرات والتفيقهات، المأمونة منها والضالة، إلا تجذيرًا وترسيخًا، مهما حاول المؤولون من دسّ السمّ في بحر النقاء.

هو إعادة قراءة عقلانية موضوعية علمية، ضمن منهاج قرآني واضح، وفي إطار معايير وشروط قاطعة وحاسمة، لكل ما تواتر بعد مئات السنين، ولكل ما دوّن وسجّل وتمّ تداوله من أحاديث نسبت إلى الرسول الكريم.

لن أدخل طويلًا في موضوعات وفصول هذا البحث القيّم، لأن ما عرضه البحاثة أبو شقرا في مقدّمته يوضح كافة الجوانب والشروط والقواعد والمعايير التي يجب أن يبنى عليها الحكم بمدى صحّة الكثير من هذه الأحاديث بناء على مرجعية ثابتة وواضحة وأصيلة وهي مطابقة أقوال وأفعال الرسول مع ما جاء في القرآن الكريم، وعدم مخالفتها لما أوحى به إليه، أو ما يناقضُ أخلاقَه النبوية وما لا يقبله العقل أو أن يناقض نفسه بنفسه قولا أو فعلًا.

هي دعوة للتحقق من هذه الأحاديث وأصحابها وكيفية نسخها ومدى خلوّها من الأخطاء اللغوية والطباعية والمنهجية، وما يحتمل أن يكون قد سرّب إليها من أحاديث مكذوبة، من قبل أعداء الدين، أو حتّى كلماتٍ من شأنها تغيير المعاني إلى عكسها.

وهي دعوة لغربلة الغثّ من الثمين على ضوء المنهاج القرآني، وضمن منهجية وشروط محكمة وعقلانية.

 

أما الكتاب الثاني: “حوار شيخين في الإسلام” أو بالأصحّ حوار شيخ غير معمّم، مع ذاته، وهو الشيخ أبو شقرا نفسه، مستكملًا حملة تنقيته وتصفيته للكثير من الممارسات والسلوكات والتعاملات التي رآها غريبة عن السياق والنهج القرآني، فجاء بها على لسان الشيخين إبراهيم وسالم.

وهذا الكتاب أيضًا، لا يحيد ولا ينفصل عن منهاج الباحث في أهدافه ومراميه، وإن جاء على هذه الصيغة الحوارية الواقعية، مستعرضًا عبر لقاءات خمسة، جملة من الوقائع التي قد تثير التساؤل أو الاستفزاز أو التحدي لأبناء المجتمع الآخرين، مثل الزي واللحية والصلاة والصيام وصوت الأذان المرتفع وتعمّد أظهار البذخ في المساجد والجنوح إلى إثارة النوازع الطائفية والمذهبية وموضوع الحجاب والخمار والجهاد والأحاديث وغيرها الكثير الكثير، ملتزمًا كدأبه أبدًا ما ورد في النص القرآني. 

 

كل ما أفاض به هذا النبع الخيّر المتدفّق وكل ما جهد في جمعه وبحثه وغربلته تصب جميعُها في هذا المحيط وتشمل كل المحاور والجوانب من أجل إعلاء كلمة الله والعودة إلى صفاء الدعوة ويسرها وعدلها. وندعو الله ان يثيبه خيرًا وصحة وأمانًا، وأن يفتح أمام هذه الكنوز الأسوارَ المغلقة لدى المؤسسات والهيئات الشرعية للإفادة من ذخائره الإيمانية الصادقة.