الزهايمر الاصطناعي...ونهر الجنون!
Artificial Alzheimer and a River of Madness
BY WHISPERINGDIALOGUE APRIL 15, 2023
Synopsis:
Memory is essential to human perception and comprehension. It enables people to shape their presences, interactions, and relationships.
Memories which endure contribute to human thoughts, because they record the events of the past and present, determine the behaviour of the individual and pave the way for planning for the future.
For these reasons memory, with the records it retains, becomes the primary agent in all the transformations that have occurred in human life throughout history.
I have dealt with this subject from various aspects, such as the scientific, psychological, philosophical and literary, considering various facts and life experiences, and concluding factual evidences from the annals of human history.
I have tried to illuminate the negative effects of the applications of the modern technological revolution, and the innovations of artificial intelligence on the functions of memory in retention, recording, innovation and the performance of its tasks of remembering and inventing, and the ensuing dangers resulting from going astray on this hazardous path, open without limitations to study.
ملخّص البحث
تشكّلُ الذاكرةُ الركنَ المكينَ في عملية الإدراك والوعي لدى الإنسان، وتتيحُ له تشكيلَ حضوره وعلاقاته وتفاعله في الحياة.
وتعدُّ الذكريات المقيمة في الذاكرة الموادَ الأساسية التي يتغذى عليها الفكر الإنساني لأنها تسجّل وقائع الماضي والحاضر وتحدّد سلوكَ الفرد وتمهّدُ للتخطيط لمستقبله.
ولهذه الحقائق كانت الذاكرة، بما تضمّه من ذكريات، المستهدفَ الأولَ في جميع التحوّلات التي طرأت على الحياة الإنسانية عبر التاريخ.
انطلاقًا من ذلك، تناولتُ هذا الموضوع من جوانب عدة، منها العلمي ومنها النفسي ومنها الفلسفي والأدبي، معتمدًا على وقائعَ وخبراتٍ حياتية مختلفة، ومستحضرًا الشواهدَ من صلب التاريخ الإنساني الطويل.
وحاولتُ أن أضيئَ بشكل واضح على التأثيرات السلبية لتطبيقات الثورة التكنولوجية الحديثة ومبتكرات الذكاء الاصطناعي على عمل الذاكرة وأداء مهامها في الحفظ والتذكّر والابتكار، والأخطار الناجمة عن الجموح في هذا المسار المفتوح بلا حدود على الآفاق كلِّها.
الفصل الأول
الذاكرة كتاب الوجود
إنَّ الفكر إنَّما هو الذاكرة عينها… في داخلك أيها الإنسان تكمن الحقيقة. (القدّيس الفيلسوف أوغسطينوس)
الذاكرة هي الركن الدافئ الأمين الذي يحتضن سجلّات الحياة.
هي الحصن المكين الذي تأوي إليه كل حقيقتنا الإنسانية وكل تجاربنا وخبراتنا ومعاركنا الناجحة والفاشلة مع الزمان.
وهي بيت المؤونات الزاخر بأدقّ نمنمات العمر، ومركز التصوير اللمسي والسمعي والبصري والشمّي والتذوّقي، ومَعارضه التاريخية التي نزورها ونلجأ إليها كلما أعوزنا صقيع الأيام إلى مدفأة حميمة، وكلما أرهقنا الأرق بحثًا عن وسادة، وأسلمنا القلق إلى مسقط ضوء خافت نجمع على وقعه بقايا حكمة أو فرح أو أمل أو طموح.
هي الوطن، وهي النوستالجيا، وهي اللغة، وهي الثقافة والهوية.
هي باختصار كل ما نحن فيه وعليه، هي حياتنا مرصوفة بدقائقها على صفحات دفاترها المشرّعة للرصد والترقّب والتسجيل.
الذاكرة، بماهيتها ووظائفها، هي العامل الأساس في ورشة استجماع متراكمات المعارف والبناء عليها وتبادلها، من أجل النهوض المتواتر بعمارة الحضارات التي شيّدها الإنسان في رحلة حياته، وفي أسباب أفولها واندثارها.
«إن إلهة الذاكرة – مفتاح الوعي – هي المصدر الأوّلي لما نسمّيه الهوية: الذاكرة تصنعنا ونحن نصنع الذاكرة. فالذاكرة تصوغنا ونحن نصوغ الذاكرة بدورنا، ذلك يلخّص تلخيصًا تامًا جدل الذاكرة والهوية اللتين تقترن الواحدة منهما بالأخرى وتخصب كل منهما الأخرى بالتبادل، وتذوب الواحدة منهما بالأخرى ويتجدّد هذا الذوبان بهدف إنتاج مسار للحياة، تاريخ، أسطورة، قصة…ويبقى النسيان وحده في النهاية بالتأكيد.»1
الحقيقة، كل الحقيقة، تكمن هناك، في خزائن الذاكرة، بنصاعتها ورماديتها، بوجوهها المضيئة والمظلمة، تنتظر لحظة الاشتعال لتخرج برياحها التي تعصف بالكثير من الوقائع والعلاقات، وتقتلع ما كان ثابتًا في اليقين. مع نبش الذاكرة، يوقظ اللهب وينفجر ما كان خامدًا ومطمورًا تحت الأغلفة، وقابعًا في الزوايا تحت سلطان النسيان أو الخوف أو القمع أو الرياء.
هي قطب الجاذبية الذهنية التي تشدّ الإنسان إلى مجموعته البشرية، وتحفظ توازنه، وتضبط تحرّكه ودورانه حول كوكب التاريخ، وتحدّد بوصلته نحو المستقبل.
قبيل وفاته، كتب المخرج السينمائي السوريالي الإسباني لويس بونويل مذكراته التي جاء فيها: «إن المرء ينبغي له أن يبدأ بفقد الذاكرة ولو جزئيًا ليفهم أنها هي ما يصنع كل حياتنا.»2
كل ما على وجه الطبيعة، في الماضي والحاضر والمستقبل، محكوم بقانون الذاكرة، ولا شيء يتحرّك خارج هذا القطب، ولا وجود لشيء من غير هذا العنصر الحيوي المكوّن للوجود الإنساني.
وليست الذاكرة، بعناصرها وخصائصها التكوينية، وقفًا على الجنس البشري وحده، إنما هي مزيَّة مشتركة عامة لدى الكائنات الحيّة جميعها، مع اختلاف درجاتها وسعتها وطاقاتها وأدوارها، فكما يتفاعل الإنسان بمحرّك ذاكرته كذلك تحيا الحيوانات وتعتاش كما تتوالد وتنمو وتثمر وتتعرّى وتورق الأشجار والنباتات جميعًا.
ويعتريني ظنّ أن بعض حالات الانتحار وممارسات العنف والقتل سببها الشعور بالإخفاق وعدم القدرة على استظهار ما في جعبة الذاكرة من آمال أو بمدّها بأي أمصال جديدة.
كما أميل أيضًا إلى الاعتقاد بأن ما قدّمه أصحاب النظريات الفلسفية التاريخية والسياسية، والتي تبرز بأوضح معانيها في أطروحة الكاتب الأميركي من أصل ياباني «فرانسيس فوكوياما» التي عرضها في كتابه «نهاية التاريخ والإنسان الأخير»، وفي ردّ المفكّر الأميركي «صموئيل هنتجتون» في كتابه «صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي» لم يكن المقصود منها أبعد من صراع الذاكرات وتصادمها وإنهاء بعضها للبدء بصناعة ذاكرات جديدة للعالم وتطعيمها بمعطيات مختلفة.
في أبسط تعريفاتها العامة لدى علماء النفس، الذاكرة هي الجهاز الفائق الحساسية للاستقبال والإرسال، الجهاز الحاضر دومًا لالتقاط المعلومات والبيانات والمثيرات والصور الوافدة من جهات العالم الخارجي المختلفة وتخزينها داخل مستودعات أدمغتنا المتناهية في صغر أحجامها عبر مراحل مختلفة في الطول وفي القصر، والفائقة القدرة على الاحتفاظ بها وتحويلها إلى مجموعة متراكمة من المعارف والخبرات ليتمّ استرجاعها وإرسالها لحظة استدعائها عند الحاجة إليها.
في تشخيص الأطباء لمرض الخرف الجبهي الصدغي الأكثر شيوعًا في حالات الخرف، والمعروف بأنه «المرض القاسي»، أكدوا أن من أعراضه اضطرابات الحديث، وصعوبات التواصل، وعدم القدرة على فهم الكلام والمعاني (الحبسة الكلامية)، فضلاً عن تغيّرات في السلوك، وتدهور في العادات اليومية الصحية والغذائية، بحيث يصبح المريض غير ملائم اجتماعيًا.
وهنا تبرز أهمية الذاكرة في طاقات الحفظ والتعلّم والتذكّر (عملية التفكير)، وتوظيف هذه الطاقات في محاولات الارتقاء والنمو، وتوليد المهارات وإتقانها، كما في تعلّم استراتيجيات التواصل، وفي تحديد أنواع السلوك، وبالتالي كل ما يمنح الصفة المميزة للكائن الإنساني الحيّ.
وتتجلى أهميتها القصوى في أنها وعاء حافظ ومحلّل يجمع ما يتنزّل عليه ويجعله تحت يد صاحبه ليسحب من هذا الرصيد ما يشاء وقتما يشاء، وتكمن خطورة هذا الوعاء فيما نسميه «خيانة الذاكرة» أو «ضعف الذاكرة» أو «فقدان الذاكرة» عندما ترتبك أو يتعطّل عملها عن تلّقف الإشارة الجديدة وعن إفراز ما عندها، وتتأخر في الاستجابة على الطلب عند حاجته، وتكون الكارثة الكبرى حين يصاب هذا الوعاء بثقب واسع وينزلق مخزونه خارج نطاقه!…
لا “نحن” بلا ذاكرة
كيفما عاينّا طبيعة علاقاتنا في الداخل والخارج وكيفما رصدنا مسار حركتنا وخططنا وطموحاتنا وأحلامنا وتطلعاتنا إلى القادم والمستقبل.
كيفما قلّبنا أوراق التاريخ وتجوّلنا في أروقة العلوم والآداب والفنون وحدّقنا في وجوه المنحوتات والخرائب والمشيّدات وفي رفوف المكتبات والوثائق والمدوّنات.
وكيفما تأمّلنا في وقائع الحروب والصراعات والانتقامات والخيانات والتضحيات، وفي حكايا الحب والعشق والانتقام، والصداقات والعداوات والعلاقات الأسرية تلاحقنا وتصدمنا دومًا حقيقة واحدة تكمن وراءها كلها، وهي أن أحدهم حاول اقتحام الذاكرة وهتك أستارها وكشفها إلى الضوء، أو التطاول عليها أو اقتلاع ما في باطنها من جذور وفروع ليغرس فيها بذورًا وشتلات لجذور جديدة.
فهل تساءلنا يومًا عن السرّ القابض على عقول العلماء الذي دفعهم للإبحار في محيط الذاكرة والغوص في أعماقه بحثًا عن جوهرها وتكويناتها ووظائفها ومكانتها؟ وعن خيارات المبدعين في المجالات كافة، وعن الذي يتحكّم بعناوين نتاجاتهم ويطبعها بالمصطلح المسلوخ من أرومة الذاكرة؟
استوقفني في سياق بحثي في موضوع “الذاكرة والذكريات” حشد هائل من هذا المصطلح يُنقش على مرايا الأغلفة، ويخيّم على فضاء النقاشات والحوارات والسهرات: مفكّرات…مذكّرات…سير ذاتية…اعترافات…
تحقيقات وشهادات…حكايات ومرويات وأرشيفات… زيارات للتاريخ وإحياء للأساطير والملاحم…
في النقش على الحجر، وفي البكاء على الأطلال، في تغريبات بني هلال، في ذاكرة الجسد (أحلام مستغانمي) وفي قناديل ملك الجليل (إبراهيم نصر الله)، في موت صغير (محمد حسن علوان)، وفي مذكرات حمار (الكونتيسه دي سيجور)، وفي حمار الحكيم (توفيق الحكيم)، وفي مذكرات هتلر…والسِيَر الذاتية لمشاهير الأدب والسياسة والعلوم والفنون التي تعمر بها رفوف المكتبات في العالم.
ولاحقتني تلك التراكمات الهائلة من اليوميّات والتسجيلات والمصوّرات التي تشتبك خيوطها بماضويات اجتماعية أو سياسية أو أخلاقية، فنية واقعية أو تخيلية، كلّ ما في خَلقِها وبنائها جُبل بتلك الترابة المحشوة في أرض الذاكرة الصانعة لكياننا الإنساني.
حضرتني جولات «بائع الذكريات في صندوق الفرجة» ليبيعنا – نحن الأطفال – ذكريات عبرت ثم انسلّت ودخلت بوعينا أو دونه، وسكنت خزائن موروثنا الثقافي العام.
ولفتني مؤخرًا ما وُصف به «معرض الأسطورة» الخاص بالمشاهير الذي أقيم في إطار فعاليات «أسبوع القاهرة للصورة» (18-8 فبراير / شباط 2023) للفنان الراحل فاروق إبراهيم بأنه «ذاكرة مصر خلال ستة عقود» توثق جميعها لحظات «الأخبار والأحداث وما بعدها، بالإضافة إلى طرح القضايا، والحلول الاجتماعية والسياسية والبيئية من خلال سرد القصص الجديرة بالثقة… وبأنه ثقب في ذاكرة مصر السياسية والاجتماعية والفنية، من خلال ما يضمّه من صور نادرة تم اختيارها بعناية لتقيم خطًا زمنيًا مُصورًا يمتد ما بين عام 1952 وحتى 2011. والزائر للمعرض يتوقف طويلًا أمام ما تحمله الصور من زخم إنساني حقيقي عبر ما تعيده إلى الأذهان من ذكريات غالية وشخصيات لا تُنسى، كما أنه كان وراء كل صورة قصة وكواليس وأسرار.»3
عندما وصل الروائي والصحافي والسياسي البيروفي، حامل الجوائز العالمية، خورخي ماريو فارغاس يوسا إلى قاعة الأكاديمية الفرنسية في باريس، ليلقي أمام الحاضرين الكبار خطاب انضمامه إلى الأكاديمية الفرنسية ويدخل (قافلة الخالدين)، (التاسع من شباط – فبراير 2023)، لم يحكّ فارغاس دماغه ليتحدّث عن إنجازاته الرفيعة أمامهم، إنما راح يتحدّث عن الأركان التي رفع عليها بناءه الأدبي، قرأ من دفاتر ذاكرته ما سطّرته عن غوستاف فلوبير (توفي 1880)، وفيكتور هوغو (توفي 1885) وغيرهما ممن أسسوا لمسيرته الأدبية الناجحة، وكأنه أدرك أن فرنسا لا تزال مفتونة بعشق الشخصيات والرموز الملكية وتعيش حالة حنين دائم إليهم وتتقمّص سلوكياتهم في تاريخها الحديث، فعزف هو أيضًا على أوتار ذاكرته المشحونة بأخبار السابقين.
يقول حسن حنفي في معرض حديثه عن الجذور وعلاقتها بالوعي والسلوك : «هناك جذور معرفية واجتماعية وأخلاقية وسياسية وتاريخية وأنطولوجية ترسخت عبر التاريخ وأصبحت جزءًا من الوعي العربي المعاصر تحدّد رؤيته للعالم، وتضع معايير سلوكه.»4
الفصل الثاني
بين الذاكرة والذكريات
«أنا أفكّر إذن أنا موجود.»
(ديكارت)
وتبقى الذاكرة متأهّبة ومستعدّة لالتقاط مواد محتوياتها من الرموز والصور وتغذيتها، المتأتية عن طريق حواسنا جميعها، بما تقع عليه من متساقطات المعارف والتجارب والخبرات، لأنها تمثّل في ذلك مخزون الإنسانية التاريخي.
بين الذاكرة والذكريات هو ما بين الرحم والجنين، هو ما بين الشمس والنور، وما بين الماء والحياة.
لا ذكريات ولا مدركات ولا حقائق خارج الذاكرة، ولا ذاكرة حيّة ومثمرة بلا ذكريات. الذاكرة هي الأرض والذكريات هي الجذور والجذوع الحاملة للغصون والأوراق والثمار، الذكريات هي حياتنا الحقيقية، المليئة بالأفراح والأتراح، بالانتصارات والهزائم.
إن من أضنى ما نعانيه عذابًا وآلامًا وحسرات، نحن المتمتعين بنعمة التذكّر والتفكير والنسيان والتناسي، أن نشهد أحبابًا وأصحابًا وأصدقاء، طالهم آكل الذاكرة (الزهايمر)، وبدأوا يتحوّلون إلى غرباء عنّا وعن الحياة وعن الوجود كله، وأصبحوا كما لو أنهم مولودون من جديد، أو أنهم آتون من كوكب بعيد لا صلة تربطهم بأرضنا وأحوالنا وهوياتنا، لولا بعض رموز من عادات بسيطة لا إرادية تصدر من بقايا نسيج واهٍ عالقٍ في طرف من مناطق التفكّر والتفاعل.
هي حقًا تلك الكارثة الإنسانية التي ذكرتها آنفًا، المتأتية من ذبول تلك الطاقة الوجودية الجبّارة، والتي ما يزال العلماء والأطباء يقفون عاجزين أمام هذا الوحش، المسمّى بالخرف أو الزهايمر، الذي ينقضّ على الذكرة ويهشّمها وينهش أحشاءها.
حين يغمرنا الحنين إلى شميم الأرض والأهل والأوطان، وحين نرفع الأنصاب والتماثيل والصور في الشوارع والمدن، وحين نقيم المتاحف، ونجعل من الأماكن الأثرية محميات محظورة، وحين نقرّر ضمّ بعض الرموز والأماكن إلى قائمة التراث العالمي، وحين نطلق أسماء المشاهير على الشوارع والأحياء، وحين نحتفل بأعيادنا ونقيم اللقاءات لإحياء ذكرى الشخصيات والمناسبات الدينية والاجتماعية والوطنية، وننظّم المهرجانات الفلكلورية، وحين تحرص الدول على تضمين قوانينها ودساتيرها شرعات للمحافظة على خصوصيات الهويات الثقافية المكوّنة لمجتمعاتها…إنما نفعل ذلك بهدف أساسي واحد، هو التعبير عن ارتباطنا الوثيق بجذور الماضي، وحفظ ذاكرات التاريخ والشعوب وصيانتها وتثبيتها في حاضر الأجيال ومستقبلهم، وترسيخ مثلها وإنجازاتها للقدوة والاعتبار.
أما حين تنتفض الشعوب وتثور، فتهاجم الرموز المنصوبة وتنزعها وتزيلها حرقًا وتدميرًا، فإنما تفعل ذلك أيضًا بهدف أساسي واحد، هو تأكيد تصميمها على مسح ما ترفضه وتعتبره من أسباب عللها وظلمها من ذاكرة الوجود وتطهيرها وتحريرها من ذكريات آثمة مؤلمة انتقامًا للماضي وحماية لذاكرة المستقبل.
كل ما جمعه المرء عبر مراحل عمره، وكل ما حصده من كفاحه ومعاركه مع الأيام، وما عقده من صداقات وعلاقات، وما حقّقه من علوم وإنجازات، يبقى محفوظًا مصانًا في بيت الذكريات.
فكل نشاطات الفرد نتائج منعكسة عن عمليّة التذكّر، وجميع الأحداث التي يقوم بها استرجاع لذكريات راقدة في دماغه.
الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، عبّر عمّا تثيره الذكريات في نفسه فأنشد:
يا ” ذكرياتُ ” تَحَشَّدي فِرقا تسَعُ الخيالَ وتملأُ الأُفُقا
وتأهَّبي زُمراً تجهزني محضَ الأسى والذُّعرَ والقلقا5
الفصل الثالث
ثقافة التنقية والزهايمر الاصطناعي
«لأول مرة في التاريخ تمتلك البشرية القدرة على التدمير الذاتي في وقت محدود.»
(هنري كسينجر – منظّر سياسي أميركي)
في مطلع هذا البحث، بادرت إلى التصريح بأنني سأدخله عاريًا من ذاكرتي، فكان ذلك من باب الهلوسات اللامفهومة واللاواعية.
إنه ضرب من المستحيل والجنون أن يتخلّى المرء عن ذاكرته لحظة واحدة فيما هو يحاول التعاطي أو التفاعل مع أي حدث طارئ أو مستجدّ.
وكيف يمكننا أن ندخل أي نوع من المعارك من غير أسلحة ولا ذخيرة ولا خطّة؟
كيف يمكننا أن نخرج من الحياة فيما نحن نسارع لاقتحام دهاليزها المتشعّبة؟
ما أردت التوصّل إليه، ثقافيًا، هو أنه إذا استحال علينا تحييد ذاكرتنا بالمطلق، ونحن نحاول العبور إلى دنيا الحداثة، فإن أجدى ما ينقذنا هو أن نتدرّب على غربلتها وتصفيتها حينًا بعد حين، بالنقد والتساؤل، مما يكون قد علق فيها من شوائب وزغل.
لا يمكن إطلاقًا أن نعرّيها ونفرغ مخزونها لأن ذلك ضرب من الانتحار الواعي والمقصود ولكن يمكننا بالتأكيد أن نطيل التأمل والمراجعة والمحاسبة لتقويم المعايير والقياسات التي نبني عليها أحكامنا وقراراتنا ونحدّد بها وجهات انطلاقنا نحو المستقبل.
عبر مراحل التاريخ الطويلة، تستوقفنا محاولات الهيمنة والتوسّع التي جرت، معتمدة في تدعيم سيطرتها على عامل أساسي هو التمادي المستمر في استهداف ذاكرة الشعوب لمسحها وإلغائها، وتستوقفنا الحركات والمحاولات التغييرية النهضوية والتنويرية التي رافقت الوجود الإنساني التي قامت رؤيتها وغاياتها بالقضاء على ما يسود من ذاكرت وثقافات راسخة تتحكّم وتعطّل محاولات التجديد والتحديث.
في الجانب الاستعماري، كانت الأطماع تبدأ بعمليات القتل الجماعي لتغييب كل عقل يحمل إرثًا أو إرادة للمقاومة ثم تنتقل إلى التصفيات والاغتيالات والاعتقالات والتهجير لإطفاء وإخراس أي صوت ينطق بذاكرة المعارضة والرفض.
وترافقت هذه الممارسات العنفية الدامية مع تغيير وطمس كل المظاهر التي تحمل إشارات ومعالم لذاكرة الماضي، من إسقاط اللغة إلى فرض المناهج التعليمية إلى تبديل أسماء الشوارع والطرقات والأحياء إلى نشر عادات وثقافات وقيم جديدة، في عملية مبرمجة لتنظيف الذاكرة الجمعية من محتواها الذي يمثّل التهديد الدائم للقوى المسيطرة، بما يعرف بعمليات “غسل الأدمغة” وتنظيفها وإعادة حشوها بعقائد وإيديولوجيات مغايرة.
ثم تطوّرت هذه الأساليب، تبعًا لما اجترحته العبقرية البشرية من وسائل الدمار والخراب، وصولًا إلى الفناء البشري الواسع.
ودعونا نتذكّر، ما دامت الذاكرة حيّة، ما اقترفته الجيوش الغازية البربرية المتوحشة من جرائم الإبادة والتخريب والتدمير وإحراق المكتبات وإغراق مكتنزاتها في الأنهر وتعليق المشانق وقطع الرؤوس لكل من يجاهر برأي مخالف لما هو سائد ومألوف.
وهذا ما فعله رجال الأديان والسياسة والاقتصاد، وما استخدمته العلمانية والديموقراطية والرأسمالية والاشتراكية والشيوعية…
وما زالت المجازر التي ارتكبت بحق الشعوب الأصلية في الأميركيتين وفي أستراليا ماثلة، وما زالت ارتداداتها ومفاعيلها متحرّكة حتى اليوم، والتي تمّت تحت غطاء “الاكتشافات الحديثة” فأبيدت الثقافات والذاكرات مع أصحابها ليُبنى على أنقاضها عالم بذاكرته الجديدة.
وما يزال العالم اليوم يعيش تحت وطأة الاستعمارات الحديثة التي هيمنت على أفريقيا ومناطق الشرق الأوسط وغزو فلسطين وتهجير شعبها وتوطين مستعمريها وتغيير خرائطها وتشويه معالمها الثقافية.
وفي الجانب النهضوي تتمثّل أمامنا، في عالمنا الثالث عمومًا، عمليات الإجهاض القسري التي طالت المبادرات والتطلعات التحديثية في ثقافاتنا للدخول في واقع العصر ومجاراته والتخلّص من أسباب الإعاقة والفشل والتخلّف، فدارت، ولم تنته، معارك العقل والنقل، والوافد والموروث، والثابت والمتحوّل، والحداثة والتقليد…وكل ذلك تحت شعار الصراع المحتدم بين ذاكرة متجذرة راكدة وأخرى تحاول اليقظة والنهوض، والذي أبقانا أسرى الصناعة التقليدية لذاكرتنا الموروثة سواء في مناهجنا التعليمية أم في برامجنا الإعلامية وسياساتنا وصراعاتنا المذهبية والطائفية والعرقية.
«ربما كانت أحد أسباب أزمة الحرية والديموقراطية في الواقع العربي المعاصر هو القفز عن الواقع والإسراع في التعبير عن الأمنيات والأشواق والتطلعات والأحلام، والوقوع في الطوباويات…..
لذلك كان السلب عند الفلاسفة أكبر قوة من الإيجاب، هو إيجاب سلبي أي أنه يحرّك الواقع عن طريق نزع جذور سكونه وثباته. في حين إنَّ الإيجاب سلب لأنه ينفي الواقع عن طريق تجاوزه والاستعلاء عليه وإيجاد البديل له من القديم أو الجديد، والواقع لا يمكن نفيه أو تجاوزه بالمفارقة بل يتطلب الدخول إليه والغوص في أعماقه وتحليل مكوّناته وربما تفتيته وتفكيكه وفكّ مغاليقه حتى يصبح طيّعًا كالحديد المنصهر قبل أن يعاد طرقه وتشكيله.»6
تعطيل مهمّات الذاكرة
إن ما نعيشه اليوم، مما يطلق عليه الثورة التكنولوجية، ليس إلا حلقة متقدّمة جدًا من حلقات الثورات المتعاقبة، لكنها في الواقع تجاوزت كل ما سبقها من ثورات زراعية وصناعية واقتصادية وعلمية، ومثلّت أبعد ما كان يتوقعه الخيال الإنساني، فقد حملت معها تحدّيات وأخطارًا لم يشهدها الوجود الإنساني قبل ذلك.
الجيل العنكبوتي الجديد من هذه التقنيات التي شغلت الناس واستحوذت على معظم أوقاتهم ونشاطاتهم وعلاقاتهم لم يتوقّف عند حدود ما أجادت به على البشرية من مزايا وعطايا وتسهيلات تتمثّل بتدفّق سيول المعلومات والمعارف، وتشبيك الآفاق ببعضها، وتيسير التواصل بين بني البشر، إنما تحوّل إلى أعاصير اخترقت أعزّ المناطق لدى الإنسان.
«فكما خلبت التكنولوجيا الحديثة لبّ المستهلك الفرد حتى استسلم لها، خلبت لبّ الأمم فضحّت الواحدة بعد الأخرى بجزء بعد آخر من استقلالها الثقافي…إن طمس الهوية الثقافية للأمم لا يختلف في طبيعته في الاعتداء على هوية الإنسان الفرد داخل الأمة الواحدة.»7
لقد بدأت هذه الثورة تنذر بخراب إنساني كبير، بعد أن نجحت في ضرب العمق القيمي والعقلي للإنسان، وفرّغت النفس الإنسانية من جوهرها وقيمها العالية، وهذا ما ينشط ترويجه تحت مسميات «ما بعد الإنسانية»، و«الإنسانية العابرة.»
في كتابه «الهمجية: زمن علم بلا ثقافة» يقول ميشال هنري: «إن عصرنا متفرّد بتطوّر غير مسبوق للمعرفة، ويسير جنبًا إلى جنب مع تداعي الثقافة. لأول مرة في تاريخ البشرية، بلا ريب، يفترق مسارا المعرفة والثقافة.»8
وسط هذه الطفرة العلمية الواسعة بدا الجميع متهافتين على تطبيقاتها ومستهلكين لكل ما تنتجه من غثّ وسمين. وخطفت هذه التقنيات الجديدة أعزّ ما يملكه الإنسان من حريات وقدرات، فصارت تتذكّر وتفكّر عنه، وتختار له وتتحكّم بقراراته.
وفي هذا السياق، يتوقّع المؤلف الأميركي المتخصّص في شؤون التقنية جاكوب وورد، في كتابه المهم «الدائرة»: «أن يكون العالم الجديد (عبارة عن) فقاعة متعة خالية من الخيارات…فالأفكار المعلنة من قبل عمالقة شركات التقنية تشير وبوضوح إلى أننا مقبلون على عالم جديد…وأن قرارات الإنسان المستقبلية مهما بدت في ظاهرها مستقلة وموضوعية فهي غير ذلك تمامًا.»9
ما يواجه العالم في أيامنا هذه ويهدّد مستقبله القريب لم يعد مقتصرًا على أسلحة الدمار الشامل، إنما أصبح أدهى من ذلك وأخطر، وهو يتمثّل في استراتيجيات العلوم التكنولوجية وتطبيقاتها القائمة على تخدير الذاكرات الإنسانية وتدجينها تمهيدًا لتعجيزها وتفشيل فعاليتها عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وجموح الذكاء الاصطناعي وتطويراته المتصاعدة بوتيرة سريعة، ممّا يحوّل الإنسان إلى كائن قاصر بحكم الانقراض، ويحوّل العالم إلى أشياء بلا ذاكرة ولا إنسانية، وروبوتات تتحرّك بأوامر القابض على أطراف خيوطها.
فعن طريق وسائط الشبكة العنكبوتية التي أغرقت المجتمعات في فيضانها أصبحت ذاكرات العالم، وما تضمّه من ثقافات وعلاقات وقيم وتوجّهات، مكشوفة وتحت المراقبة والمتابعة المستمرة من قبل هذه الهيئات المصمّمة لها والمتحكّمة فيها، وتحوّلت مخاطبات الناس وآراؤهم وأحوالهم إلى بيانات محفوظة في ملفات تشبه إضبارت المخابرات ودوائر التنصّت والتجسّس.
وعن طريق الجيل التكنولوجي الجديد المعروف بالذكاء الاصطناعي الذي يتوسّع في إنتاج آليات الذكاء المختلفة التي تشمل: محركات تقديم التوصية – معالجة اللغة الطبيعية وتحويل الكلام إلى نص وتحويل النص إلى كلام، وتعريف الكلمات المفتاح، واستخراج المعلومات، والترجمة وابتكار اللغة – تحليل المشاعر وتعريف المشاعر الكامنة في المحادثات البشرية – أدوات المساعدة الافتراضية بواسطة «سيري» و«أليكسا» و«كورتانا» ومساعد غوغل – التعرّف على الصور – انتاج الروبوتات المتخصصة في مجالات الطب والمحاماة والقضاء والمصارف والتعليم والأدب وكتابة الروايات…فإنهم يقلّصون وظائف ذاكرتنا الإنسانية وخصائصها، ليوسّعوا ذاكرات الروبوتات الآلية. إنها استراتيجية السيطرة الجديدة على العالم، انطلاقًا من ضرب الذاكرة الإنسانية وإلغائها.
و ذلك كلُّه أدّى إلى إضعاف إحدى مهمات الذاكرة، والمعروفة بالحافظة التي تتولى حفظ المعلومات والبيانات، وعطّل جهوزية الذاكرات للاستقبال والتخزين والتصنيف والترتيب استعدادًا للإرسال، لتحلّ مكانها ذاكرة آلية خالية من الأحاسيس والشعور والعواطف والقيم والمرجعيات، وليصبح القائمون على تصميماتها مرجعية الكون وذاكرته وآلهته الجدد المتحكمين بمصائر الناس وسكناتهم وحركاتهم.
الكاتب أنتوني ألتمان يطرح تساؤلًا مخيفًا على لسان أحد أبطال قصته «الرواية الأخيرة» في حوار يسأل فيه أحدهم صديقه الكاتب: «ماذا سيحلّ بنا إذا استعملت الروبوتات في الكتابة بدلًا منا؟ فيجيب صديقه: سنصبح كالديناصورات وكتبنا ستعرض في المتاحف.»10
أخيرًا، أود أن أوضح أنه بحلول عام 2025 على الأرجح، سنكون على موعد قدّمه العلماء بأنهم سيتمكّنون من تسجيل إشارات المخ المسؤولة عن الذكريات، والتحكم فيها، وتخزينها على شريحة سيليكون تزرع داخل المخ، ويمكنهم من خلالها التحكم في الذكريات.
وبين تدجين الذاكرة والتحكّم في الذكريات، سوف يجد العالم نفسه مدفوعًا بتيّار هائج إلى حافة اللامعقول واللاجدوى.
في بداية القرن الماضي عبّر الروائي والقاص الألماني «فرانتس كافكا» في روايته «التحوّل»11 عن «الإنسان الشيء»، الذي فقد القدرة على التمسّك بإنسانيته، حتى بات غير مستحق لأبسط الأمور المعبّرة عن وجوده، وها نحن البوم نشهد العالم وهو ينحدر سريعًا نحو هذه الخاتمة السوداء.
ساتوقف عند حدود الانتظار دون اقتراح التوصيات، فلا أعرف لمن أتوجه فيها هل للإنسان الذي يشبهنا أم للإنسان الاصطناعي، أم سوف أكون في وقت قريب ديناصورًا منقرضًا يعرضون هيكله في المتاحف!؟…
من أدهى ما وصلنا إليه أنَّنا كنَّا، في ميدان الثقافة، نجهد جادّين في الدفع لتنقية ذاكراتنا من طحالب الإقصاء والكراهية والحروب وصراعات الأديان والمذاهب والأعراق، ومدّها بقيم التسامح والمحبة والتعاون والتفاهم وحوار الثقافات والحضارات، وإذا بالخوف يداهمنا ونحن نستمع إلى جهابذة مبتكري هذه الفنون الخارقة وهم يتحدثون عن «آلات ردود الأفعال، وآلات الذاكرة المحدودة، وآلات نظرية العقل، وآلات الوعي الذاتي….»
فيخيّم علينا القلق والرعب من أن نصبح بلا ذاكرة أمام غزو الزهايمر الاصطناعي الذي ينتظرنا على حافة «نهر الجنون.»
الهوامش:
- كاندو، جويل، الذاكرة والهوية، ترجمة وجيه أسعد، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق 2009، ص: 10.
- بونويل، لويس،Luis Buñuel) 1900 – 1983)، أنفاسي الأخيرة (مذكرات)، دار روبير لوفون، باريس – فرنسا، 1994، ص: 336. وترجمها إلى العربية المخرج مروان حدّاد، صدرت ضمن سلسلة الفن السابع عن مؤسسة السينما السورية.
- عبد الحليم، نادية، جريدة الشرق الأوسط، السبت 2023/02/11.
- حنفي، حسن، حصار الزمن: الحاضر إشكالات، ج 1، مؤسسة هندواي للنشر، لندن – بريطانيا، 2022 ص: 170.
- الجواهري، محمد مهدي، الديوان، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 2000، قافية القاف.
- حنفي، حسن، حصار الزمن، المصدر السابق، ص: 169.
- بعلبكي، أحمد، وآخرون، الهوية وقضاياها في الوعي العربي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 2013، ص: 258.
- هنري، ميشال، الهمجية: زمن علم بلا ثقافة، ترجمة جلال بدلة، دار الساقي، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 2022. ص: 7.
- شبكشي، حسين، تحدّيات الذكاء الصناعي، موقع جسور بوست، 2022/09/20.
- الذكاء الصناعي…هيمنة «الروبوت الكاتب، جريدة الحياة العربية الجزائرية، 2022/09/17.
- كافكا، فرانتس، التحوّل (رواية)، ترجمة مبارك وساط، منشورات الجمل، بيروت – لبنان، 2015، الطبعة الأولى.
المصادر:
- بعلبكي، أحمد، وآخرون، الهوية وقضاياها في الوعي العربي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 2013
- بونويل، لويس،Luis Buñuel) 1900 – 1983)، أنفاسي الأخيرة (مذكرات)، دار روبير لوفون، باريس – فرنسا، 1994. ترجمها إلى العربية المخرج مروان حدّاد، صدرت ضمن سلسلة الفن السابع عن مؤسسة السينما السورية.
- الذكاء الصناعي…هيمنة «الروبوت الكاتب، جريدة الحياة العربية الجزائرية، 2022/09/17
- الجواهري، محمد مهدي، الديوان، بيسان للنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، 2000، قافية القاف.
5. حنفي، حسن، حصار الزمن: الحاضر إشكالات، ج 1، مؤسسة هندواي للنشر، لندن – بريطانيا، 2022 - شبكشي، حسين، تحدّيات الذكاء الصناعي، موقع جسور بوست، 2022/09/20
- كافكا، فرانتس، التحوّل (رواية)، ترجمة مبارك وساط، منشورات الجمل، بيروت – لبنان، 2015، الطبعة الأولى.
- كاندو، جويل، الذاكرة والهوية، ترجمة وجيه أسعد، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق 2009.