الهَوْنُ على الهَوْن في ما هو العِمدعون
المقامة البستانية
“من فترة قلتلها لمرتي يا ريت ورثت بستان جدّي وما عملت رئيس جمهورية”.
حدّثنا “آدم” في الفنون والأنماط، لأحوال الفشل والإحباط، وعرّج بنا بين حطام القتاد وقنافذ الفساد، وفَلّ من لدنه عزيمة العنيد وصلابة الحديد، ومن فم البوغاز وأشداق الفولاذ، فقال: قابلته حانقًا وعبوسًا، وحاورته غثًّا ونفيسًا، وأخرجت الهمّ الذي كان في النفس حبيسًا. وما أن سمعني وأنعم، حتى غمغم وأسخم، واحرنجم وهمهم، وأرغى وأزبد، واستنفر وعربد، واستنكر وندّد، ثم ارعوى وانتوى، واستأمل واستأجل، وناح وباح: يا ليتني حزتُ من جدّي بستانًا أنيسًا، ولم أكُ في ردهة القصر رئيسًا، فما كنت أحسب لون البرتقال تعيسًا، وما تذكّرت وما تفكّرت، أن الأصفر طغى وتجبّر، وأزال عن وجهي صبغة الأحمر، والتهم عن سدّتي اليابس والأخضر، فصار العهد كلونِهِ ثانويًا، مزعزعًا وشقيًا، مضعضعًا لا قويًّا، لا بهجة فيه ولا طاقة، ولا بعيرًا ولا ناقة، فأسلمت وأذعنت، وفشلت وأمعنت، وعكفت على الوعود والظنون، بين عرقوب وكمّون، وكنتُ كمن سُقيتُ آلًا، وأنا الظمآن ما عرفتُ مآلًا، وتغدّيتُ في المنام وبالًا، وإلى زوجتي رفعت شكواي وعثرتي، وخيبة آمالي وصبوتي، وما صنعتْه بي المنظومة، الخفيّة منها والمعلومة، وما لقيت من الأحلاف والخصومة، من تقييد وتكبيل، وترغيب وتهويل. فارتاعت زوجتي رَهَبًا، واستشاطت غضبًا، وتأوّهت وتلوّعت، ومالت وما استوت، وصاحت وما اهتدت، وبكت وندبت: وا أسفي على الخسران، من قصر إلى بستان، طار الحلم من الحَلْمان، يا ويلي عليك يا جبران، يا صهري الولهان، غافلتك الرئاسة، وعافت فكرك الكياسة، لا صولة ولا جولة، ولا تغيير ولا إصلاح، يكفيك معول الفلّاح، لتحصد مع عمّك، من همّه وهمّك، ما زرعت وما فرّعت، وما جمّعت وما فرّقت، ولكِ الله يا ابنتي، ضاعت عليك فرحتي، ولم تصل لقرعتي.